الحقيقة وراء الرجل الثاني
( أنا مش مقتنع بكلامك ! ) هكذا فاجأني أحد الحضور بعد
الإنتهاء من محاضرتي التي تكلمت فيها عن المعني الحقيقي للنجاح وصناعة الهدف الذي
يجعل الفرد أكثر إبداعاً والتي ضربت فيها أمثلة متنوعة عن المخترعين وأصحاب
الشركات الكبيرة العالمية مثل ستيف جوبز , فأخرج الرجل صورة من هاتفه المحمول وهي
صورة قديمة لأطفال في المرحلة الإبتدائية يلتفون حول شخص يرفع يده بعلامة النصر
وقال ( دي اول صورة لي أشعر بمعني النجاح ) فابتسمت
قليلاً ولكن سرعان ما تحولت الابتسامة لدهشة عندما قال لي ( شايف الواد اللي ورا خالص وفرحان أوى .. دة أنا ! )
تعجبت فقد أعتقدت أنه ذلك الطفل الذي يلتف حوله التلاميذ ولم أنتبه لذلك الطفل
الذي يقصده وتساءلت كيف يكون النجاح من وجهة نظره ؟ فقال ( في اللحظة دي أول مرة ارضي عن النجاح اللي وصلتله وابقي سعيد به
بالرغم انى مكنتش محل اهتمام من أي حد .. مجرد نجحت بس مطلعتش الأول مع إني عملت
اللي عليا وذاكرت واجتهدت) إزداد اهتمامي لمعرفة باقي قصته وما وصل إليه
الآن , فتابع كلامه ( أنا كنت ومازلت شخص عادى بسيط بيعمل
اللى عليه ويسعى ورا أى فرصه وبيستعين بربنا في كل حاجة وفي أى وقت لإنه رحمن
ورحيم بس في نفس الوقت برضى بأي نتيجة أوصلها وبعرف ان دة اكيد الخير لي . زمان
قبل الصورة دي كان كل طموحى إني أبقي الأول بس في الحقيقة مقدرتش وفي نفس الوقت
مفرحتش بنجاحي لإنى حاطت هدف مش في ايدي دة في يد ربنا فقررت في اللحظة إني احمد
ربنا لإنه يستحق الحمد واللى انا فيه برضه نعمه تستحق الحمد وهو رحمن ورحيم وأكيد
حاسس بي وعارف ان دة أكتر حاجة خير لي وأكيد شايلي خير أكبر في الآخرة )
ومازلت انتظر نهاية ما وصل إليه هذا الرجل ! , فتابع كلامه ( لما كبرت اشتغلت شغلانة بحبها بس مش شرط تكون أفضل شغلانة ولا
أنا أفضل واحد بيشتغلها بالعكس في مني كتير,
لكن بحاول دائماً استعين بربنا
واتقن عملي كويس وبدعي ربنا دايماً يرزقني ويهديني للأفضل . أنا طموح بس واخد
الأمر ببساطة , حتي لما تزوجت , تزوجت اللى تشبهني البسيطة والراضية اللي بتعرف
معني الحمد لله ) سكت الرجل قليلاً فأدركت أن القصة انتهت وأننى كنت أنتظر
النجاح من وجهة نظري الشخصية الذي يظهر لامعاً في إختراع أو تجارة وفيرة أو أي
إنجاز لم يسبق له مثيل ولكني أدركت أن نجاحه بتحقيق صحة نفسية أصلها الرضي أصلها
الحمد لله أدركت أنه كان وما زال الرجل الثاني الذي لم يكن محل إهتمام من كثير من
الناس ولكنه يتمتع بسعادة وإيمان ورضي لم أره من قبل , قطع الرجل لحظات الصمت
متابعاً لكلامه فقال ( عارف انا أكتر حاجة بحبها في
الرسول صلي الله عليه وسلم اية ؟ البساطة .. قبل النبوة شاب بسيط زاهد في الدنيا
راضي بحاله وبعد النبوة مخترش انه يبقي ملك اختار البساطة مع انه بفضل الله عليه
صنع انجازات عظيمة , قال تعالى : لَيْسَ
عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ , الرسول صلي الله
عليه وسلم كان بياخد بجميع الأسباب كان بيدعو الناس بس كان مؤمن ان النتائج
والهداية بتوفيق من الله , ببساطة الرحمن أرسل الرحمة في صورة انسان , قال تعالى :
وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ) في اللحظة
دى انا حسيت بخجل اني كل محاضرتي عن شخصيات ناجحة ومؤثرة في عصرنا الحالي ونسيت
أحكى عن قصة خير البشر الرسول صلي الله عليه وسلم فوجه إلي سؤال كنت سأسأله لنفسي ( انت لية بتصعبها علينا وتقولهم ان النجاح في النتائج مع إن النتائج مش في ايدينا ؟ زى ما الهداية مش في يد الرسول صلي الله عليه وسلم ) انهي الرجل كلامه بشكري اني أصغيت له بإهتمام دون أن أقاطعه وكل ما قلته له في
نهاية الحديث ( الله يفتح عليك ) لأنى أدركت معنى
سورة أقرأها يوميا في كل صلاة انها سورة الفاتحة - فاتحة الكتاب .. فاتحة العقول
والقلوب - السورة التي لم أدرك معناها إلا في كلام الرجل قال تعالي : بِسْمِ
اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ , وهي أول آية في سورة الفاتحة والتي وجدت الرجل
يطبقها فهو يستعين بالله في كل شيء لأنه يدرك رحمته وقدرته كما كان يفعل الرسول
صلى الله عليه وسلم , وقال تعالى : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ,
الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ , مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ , فوجدت أن أصل النجاح والسعادة هو الرضي
الرضي بالله وبتدربيره فهو رب العالمين وهو رحمن رحيم بنا يرزقنا ثواب ما فعلنا في
الدنيا حسب ما نطيقه ويؤخر باقي الثواب في الآخرة لأنه مالك يوم الدين , وقال
تعالى : إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ , اهْدِنَا الصِّرَاطَ
الْمُسْتَقِيمَ , صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ
عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ .. فيجب أن
نفعل كما فعل الرسول صلي الله عليه وسلم أن نزداد ثقة بالله تعالى وبتدبيره فنتبعه
حتي وإن اختلفت أهواءانا وأفكارنا فنحكم حياتنا بما أمر الله فإياه نعبد ونخضع ولا
نخضع لسواه لا لهوى ولا لفكر ولا لشخص , كما يجب أن نستعين به في جميع أعمالنا
وأقوالنا لأن نتائج الأعمال لا تكون إلا بمشيئته فإياه نستعين وبيده هدايتنا
للطريق الصحيح في الدنيا والآخرة فنرى النجاح ونحقق الفوز النابع من الحمد لله .
فعلا اعظم قصة نجاح يجب ان تكون لنا قدوة قصة رسول الله صل الله عليه وسلم
ردحذف